عودة إلى قوة الصغر

بدايات صغيرة وآمال كبيرة: متحف كيد


بقلم: إيما ساسمان ستار


نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية تحت عنوان Small Beginnings, Big Ambition: KID Museum في عدد مارس-أبريل 2019 من مجلة «دايمنشنز» Dimensions التي تصدرها جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC. قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.

لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون إذن كتابي صريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC.


مهرجان كيدفست (مهرجان الطفل) هو مهرجان الصانع الذي يقيمه متحف كيد في شهر سبتمبر من كل عام في وسط مدينة سيلفر سبرينج بمريلاند.
تصوير متحف كيد.

 

يوفر متحف كيد (الطفل) KID Museum مساحةً تعليمية إبداعية مكرسة لتمكين الجيل القادم من ابتكار المستقبل بإبداع وتعاطف. ويُعدُّ موقع نموذجنا الأولي في الطابق الأول من المكتبة العامة بمقاطعة مونتجومري، ماريلاند، خطوة نحو تحقيق رؤية المتحف المتمثلة في تأسيس منزل أكبر ودائم.

تأسس متحف كيد منذ سبع سنوات «متحفًا بلا جدران» (أي أننا كنا نتنقل لتقديم البرامج)، وعمل مع الحكومة المحلية لتأمين حيز مادي في 2014، في المستوى السفلي غير المستخدم بمكتبة دافيز في بيثيسدا، ماريلاند. وصارت هذه المساحة التي تبلغ 7.500 قدم مربع (697 مترًا مربعًا) الآن مركزًا تعليميًّا حيويًّا؛ يعجُّ بالأطفال والعائلات على مدار الأسبوع. فمن خلال البرامج المقدمة في الموقع، والمهرجانات والفعاليات خارجه، نخدم 55.000 زائر سنويًّا؛ وذلك بتقديم برامج عملية قائمة على صناعها، وتدمج بين العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والفن وثقافات العالم، ومهارات القرن الحادي والعشرين، مثل الإبداع والتفكير النقدي.

مساحة متحف كيد الصغيرة تتيح للمعلمين فرصة وضع نماذج أولية لبرامج جديدة في إطار زمني سريع، وتجربة التقنيات بطريقة قد لا تكون دائمًا ممكنة في مؤسسة أكبر. فعلى سبيل المثال، أجرى متحف كيد مؤخرًا تجريب برنامج روبوتات مكثف لطلاب الصف الثالث؛ إذ عمل معلمونا مباشرة مع مدارس مقاطعة مونتجومري العامة (إم سي بي إس) على إنشاء منهج سريعًا وتسجيل مدرستين لتلقي تمويل من الباب الأول (تمويل الولايات المتحدة للمدارس التي بها نسب عالية من الأطفال المنتمين لأسر منخفضة الدخل). وخلال بضعة أشهر، طورنا البرنامج ونفذناه؛ إذ تضمن عقد ثلاث رحلات ميدانية إلى متحف كيد، وتقديم جلستين بالمدارس، وتوفير فرص لتطوير المعلمين مهنيًّا. كان البرنامج التجريبي ناجحًا، ويرغب القائمون على النظام المدرسي في توسعة البرنامج ليشمل مزيدًا من المدارس في العام المقبل.

 

طلاب الصف الثالث يتعلمون الترميز في برنامج «روبوتكس بيلوت بروجرام» (برنامج الروبتات التجريبي).
تصوير متحف كيد.

 

طلاب الصفين الثالث والرابع يؤدون التدريبات ويبنون المخيم الصيفي. تصوير متحف كيد.

 

نقدم برامج مختلفة في أوقات متباينة، وذلك للتكيف مع قيود المساحة ورفع الطاقة الاستيعابية؛ فعلى سبيل المثال، بإمكان العائلات حضور الأنشطة العملية وورش العمل في أثناء عطلة نهاية الأسبوع، في حين تقدم الرحلات الميدانية المدرسية والبرامج المدرسية المكثفة مثل برنامج «تحدي ابتكار المستقبل» في خلال الأسبوع (نخدم غالبًا ما يصل إلى ثلاث مجموعات مختلفة يوميًّا)، وكذلك برامج ومخيمات ما بعد المدرسة.

نظرًا لأننا لا نملك القدرة على خدمة الجميع في مثل هذه المساحة، فإننا نعمل على زيادة الأنشطة الخارجية في المجتمع؛ فنقدم مهرجاننا المميز «كيدفست» الذي يقام في شهر سبتمبر من كل عام بوسط مدينة سيلفر سبرينج مجانًا بحضور 15.000 شخص من منطقة العاصمة الكبرى، واشنطن. وكذلك نستضيف مهرجان عالم مونتجمري، الذي يحضره 8000 شخص، ويعبر عن تركيز المتحف على مفهوم المواطنة العالمية وفهم ثقافات العالم من خلال أنشطة غامرة. وبالإضافة إلى ذلك، نشارك في ليالي مدرسية عن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ونعقد شراكات مع برامج ما بعد المدرسة، مثل شراكة «إكسل بيوند ذا بِل» (التفوق خارج المدرسة)، لتقديم تجارب تعليمية مباشرة وعالية التأثير في الطلاب في المناطق المتأثرة بالفقر. ونظرًا لقلة عدد موظفينا، ليس لدينا فريقًا مخصصًا للتوعية؛ لذا يتناوب معلمونا بين البرامج المقدمة في الموقع وخارجه، ما يجعلهم يدركون احتياجات مجتمعنا بمنظور أوسع.

 

الزائرون يطالعون ابتكارات الطلاب في مهرجان كيدفست (مهرجان الطفل)؛ وهو مهرجان الصانع الذي يقيمه متحف كيد سنويًّا.
تصوير متحف كيد.

 

تعد الشراكات مع الحكومة المحلية والأعمال التجارية والمدارس ضرورية لنجاح متحف كيد. فبدأت أكبر شراكتنا مع مدارس مقاطعة مونتجومري العامة بنحو 30 طالبًا من مرحلة إعدادية واحدة في 2014، وفي خلال أربع سنوات فقط ازداد العدد إلى ما يقرب من 1000 طالب بالمرحلة الإعدادية، معظمهم من أسر متضررة بسبب الفقر أو تعاني من نقص الخدمات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وكان هذا ممكنًا جزئيًا بفضل العلاقات القوية التي طورناها مع قيادة المدارس وأفرادها. وقد استثمرنا جهودنا في قياس قوة برامجنا أيضًا بتعيين باحث ومُقيِّم بدوام جزئي؛ وبالمشاركة في دراسة طورها معهد شراكات التعليم والصمود بكلية الطب، جامعة هارفارد، ومستشفى ماكلين. فبينت النتائج زيادة ملحوظة في مهارات طلابنا المتعلقة بالقرن الحادي والعشرين والاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. والمناطق التعليمية، مثل مدارس مقاطعة مونتجومري العامة – أحد أكبر المناطق وأكثرها تنوعًا في الدولة – تدرك فوائد الشراكة مع منظمات مثل متحفنا؛ لأنها توفر تجارب تعليمية عملية تُغيِّر مسار الحياة وتخطو خطوات حقيقية نحو سد فجوات الإنجاز.

 

طلاب الصف الخامس حتى السابع يحضرون معسكر متحف كيد الصيفي. تصوير متحف كيد.

 

ولأن متحفنا صغير ومتطور، فإننا نتعلم وننمو دائمًا – وهو نمو عقلي مقصود بهدف الاستمرار في تطوير المتحف بغض النظر عن حجمه. ويمكننا الرد بسرعة وكفاءة على ملاحظات المعلمين والطلاب والمسئولين عن تصميم البرامج وتكامل المناهج الدراسية. ونحن قادرون أيضًا على تجريب دورات متعددة لبرامجنا لتوسيع نطاق المشاركة وزيادة فاعليتها إلى أقصى حد.

على سبيل المثال، بدأ حجر أساس شراكتنا مع مدارس مقاطعة مونتجومري العامة – تحدي ابتكار المستقبل – باستوديو الابتكار، وهو برنامج يختار فيه الطلاب مسبقًا مجال اهتمامهم (مثل الديناميكا الهوائية أو الروبوتات) ثم يبنوا مشروعًا. وفي العام التالي، نما حجم البرنامج وتطور تصميمه في الوقت نفسه لمد جميع الطلاب بالتدريبات اللازمة في كل مجالات المهارات قبل التخصص في أحد مشروعاتها. ولأن المعلمون شعروا بأن هذا أمر محدد للغاية، عملوا مرة أخرى على تحسين البرنامج في صورته الحالية – ذا نهج مفتوح الأفق أكثر ويساعد كل طالب على الوصول إلى تجارب بناء المهارات نفسها (في الإلكترونيات، والترميز، والتصنيع، وعملية التصميم الهندسي) التي يمكنهم استخدامها بعد ذلك في بناء اختراعهم الخاص. وتركز الدورة الأخيرة بشكل أكبر على عملية التصميم، ما يوفر أساسًا لتجربة موجهة ذاتيًّا أكثر، وأكثر اتساقًا مع فلسفة التعلم بالمتحف.

 

بنات المرحلة الإعدادية يبنين نموذجهن الأولي في تحدي «ابتكار المستقبل». تصوير متحف كيد.

 

لقد ساعدنا حجم متحف كيد على المخاطرة، والاستجابة لمجتمعنا، والتأثير داخل الصف الدراسي وخارجه. ونعمل بجد على التوسع أكثر لنتمكن من تقديم تجارب تعليمية مؤثرة إلى مزيد من الأطفال، وتلبية الطلب المتزايد باستمرار على برامجنا. فأي كان حجمنا، نحمل معنا دائمًا عقلية مبتكرة وصانعة لهيئة صغيرة.

 


إيما ساسمان ستار (emma@kid-museum.org)، مديرة الاتصالات بمتحف كيد في بيثيسدا، ماريلاند.