عودة إلى أهداف طموحة

دعونا نهتف لعلوم ليلة الاثنين


بقلم: دينيس شاتز


نُشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية تحت عنوان Let’s Hear It for Monday Night Science في عدد سبتمبر-أكتوبر 2019 من مجلة «دايمنشنز» Dimensions التي تصدرها جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC. قامت رابطة المراكز العلمية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط NAMES بترجمة المقال ونشره باللغة العربية بتصريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ومن المؤلف/المؤلفين، وتتحمل NAMES مسئولية هذه الترجمة.

لا يجوز إعادة إنتاج هذا المحتوى، سواء بالإنجليزية أو العربية، بأي شكل من الأشكال، دون إذن كتابي صريح من جمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا ASTC.


 

تخيل اليوم الذي تصبح فيه العلوم بشعبية الرياضة في مجتمعنا. بالطبع، سيكون هناك وجود للعلوم في المدرسة، ولكن سيكون هناك أيضًا علوم فيما بعد المدرسة؛ حيث يمكنك الفوز بسترة التميز* (سترة letter jacket التي تُمنح للطلبة المميزين، بالأخص في الألعاب الرياضية، في المدرسة الثانوية أو الجامعة في الولايات المتحدة الأمريكية)، وهناك بطولات للعلوم مرغوبة مثل البطولات الرياضية وأنشطة التقاط علمي في المتنزه المحلي يُقبل عليها الناس في نهاية كل أسبوع. وتخيل أيضًا مؤسسة وطنية لمحو الأمية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات تُركز على الآباء.

حول مائدة العشاء، تصف الأمهات أحدث صورة لثقب أسود ظهرت في نشرة الأخبار المسائية؛ ويقضي الآباء وقتًا مع أطفالهم في عطلات نهاية الأسبوع لاستكشاف الكائنات التي تعيش في المنتزه الطبيعي القريب من المنزل. ويدمن أصدقاؤك دوريات العلوم الخيالية الخاصة بهم، ولقناة ديسكوفري عدد من المشاهدين مثل قناة ESPN الرياضية.

ويجب على الجميع الإسراع إلى المنزل في الوقت المناسب لمشاهدة «علوم ليلة الاثنين» – حيث يبيع تجار التجزئة الملابس ذات الشعارات المربحة للغاية، وتتنافس شبكات التلفزيون على امتلاك حقوق البث، وتتنافس مواقع المعجبين مع المواقع الإلكترونية الرسمية، وتعج وسائل التواصل الاجتماعي بالنشاط المحيط بالحدث. (زُر موقع www.mondaynightscience. com أو موقع علوم ليلة الاثنين على Facebook).

قد يرفض بعضٌ هذا باعتباره خيالًا، ولكن ماذا لو تمكنا من تطوير منظمة شاملة وقمنا بحملة لرؤية ليلة علوم الاثنين؟ ولا يعني ذلك أن كل شيء سيحدث ليلة الاثنين، ولكن يمكن استخدام هذه الفكرة للتعبير عن الحاجة إلى جعل العلم أكثر انتشارًا في المجتمع برمته وتشجيع المبادرات التي تؤدي إلى هذه النتيجة.

 

علامات مشجعة

هناك عدد من الطرق المفعمة بالأمل التي ينتشر بها العلم بالفعل في الثقافة الشعبية، ما يشير إلى أن علوم ليلة الاثنين قد تصبح يومًا ما حقيقة. على التلفزيون، يُظهر المسلسل الهزلي «ذا بيج بانج ثيوري» The Big Bang Theory (نظرية الانفجار العظيم) أن الناس سيشاهدون برنامجًا عن أصدقاء فيزيائيين غرباء الأطوار يتشاركون السكن. ففي حين انتهى عرض الموسم الأخير من المسلسل، يُظهر حجم إعادة عرضه على القنوات الخاصة منافسة شديدة للمسلسلات الكوميدية الأشهر: «فريندز» Friends (أصدقاء)، و«ساينفلد» Seinfeld و«ماش» M*A*S*H. وهناك فرص عديدة لفرق الشباب لصنع الروبوتات للتنافس، وتصميم اختراعات لحل تحديات مجتمعية حالية ومستقبلية، واختبار مهاراتهم العلمية.

المنافسات

• مسابقة فيرست للروبوتيات FIRST Robotics Competition، وهي مسابقة دولية للروبوتيات في المدارس الثانوية تديرها منظمة «من أجل الإلهام والاعتراف بالعلوم والتكنولوجيا» For Inspiration and Recognition of Science and Technology (FIRST) غير الربحية.

• كرة الروبوت Botball، ويديرها معهد «كيس للروبوتيات العملية» KISS Institute for Practical Robotics.

تحديات التصميم

• «إكسبلورافيجين» ExploraVision، وهي مسابقة للمنح الدراسية من رياض الأطفال وحتى التعليم الثانوي في الولايات المتحدة وكندا، تديرها توشيبا والجمعية الوطنية لتدريس العلوم.

• «إي سايبرميشون» eCybermission، مسابقة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لطلاب الصف السادس إلى الصف التاسع.

تحديات العلوم

• أولمبياد العلوم Science Olympiad، وهي مسابقة ترتكز على الفرق من رياض الأطفال إلى التعليم الثانوي؛ حيث تتنافس الأندية المدرسية في الفعاليات المقامة في حرم الجامعات الأمريكية.

في حين أن سلسلة «خارقي الخرافات» MythBusters التي تحاول فضح الأساطير أو إثباتها قد انتهى عرضها بعد 14 عامًا على قناة ديسكوفري، إلا أن مقدمها السابق آدم سافيدج لديه الآن برنامج جديد على الشبكة يسمى «سافيدج يبني» Savage Builds. تتولى السلسلة تحديات تبدو مستحيلة في التصميم والبناء، بدءًا من الطباعة ثلاثية الأبعاد لدرع كامل من التيتانيوم إلى بناء سلاح فائق تدفعه الصواريخ؛ وتقييم السلسلة حاليًّا 8.4/10 على موقع IMDbTV الترفيهي.

في عام 2016، حضر أكثر من مليوني شخص ما يقرب من 5000 فعالية وبرنامج مجتمعي نظمها أعضاء «تحالف مهرجانات العلوم»، وهو مجتمع مهني في كامبريدج بولاية ماساتشوستس تتمثل مهمته في إلهام وتحفيز مزيد من مهرجانات العلوم والتكنولوجيا.

ويشمل الرعاة المؤسسة الوطنية للعلوم، ومؤسسة ألفريد بي. سلون، وصندوق الرمل العلمي لمؤسسة سيمونز.

توجد مئات مقاهي العلوم في جميع أنحاء العالم – وتستضيف فعاليات غير رسمية مثل «الفلك المتاح» Astronomy on Tap؛ حيث يتفاعل ممتهنو العلوم مع أفراد من الجمهور في أثناء تناول الطعام والمشروبات.

كذلك فإن فرص علوم المواطنين وفيرة؛ فيوفر موقع Zooniverse.org الوصول إلى ما يقرب من 100 مشروع علمي للمواطنين تسمح لأفراد الجمهور بالمشاركة في التحقيقات العلمية، حيث يستخدم العلماء البيانات للبحث. وقد سجل أكثر من 1.7 مليون مواطن عالم متطوع ما يقرب من 500 مليون ملاحظة من خلال مشروعات Zooniverse.

أضافت فتيات الكشافة بالولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا شارات علمية إلى برنامج الجوائز والشارات، بما في ذلك شارات الأمن السيبراني، وعلوم الفضاء، والروبوتيات، والإشراف البيئي، والهندسة الميكانيكية.

والمكتبات التي اعتادت التركيز على الخدمة كمستودعات كتب تقدم الآن برمجة أكثر، وعديد من تلك البرامج في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؛ كما أن بعض المكتبات لديها مساحات صنع، مثل «معمل الصانع» في مركز مكتبة هارولد واشنطن في شيكاغو.

 

الكاتب وعائلته يرتدون الملابس الروحية لعلوم ليلة الاثنين. حقوق الصورة لدينيس شاتز.

 

الجمعية القومية لتدريس العلوم تغير تركيزها

تخدم الجمعية القومية لتدريس العلوم «نستا» National Science Teaching Association (NSTA) معلمي الفصول الدراسية بشكلٍ أساسي، وهي الآن تعيد تركيز جهودها ليس فقط لخدمة المعلمين بشكلٍ فعّال، ولكن أيضًا لجلب مجموعة أوسع من المعلمين، مثل هؤلاء الأشخاص الذين يعملون بالمتاحف، ومراكز الطبيعة، وبرامج ما بعد المدرسة، وبالمنزل. وتغير اسمها مؤخرًا من الجمعية القومية لمدرسي العلوم إلى الجمعية القومية لتدريس العلوم ينقل التركيز على مستقبل نستا، ليس فقط بصفتها ناديًّا للأفراد، ولكن مجتمعًا تفاعليًّا وداعمًا لمعلمي العلوم، مع إمكانية الوصول إلى وفرة من الموارد. فستتغير الطريقة التي تتفاعل بها نستا مع المعلمين والجمهور؛ لتقديم خدمة أفضل للأشخاص الذين اعتادوا على التفاعل عبر الهاتف المحمول والأجهزة اللوحية.

أنا المعلم غير الرسمي الأول الذي يُنتخب رئيسًا في تاريخ نستا على مدار 75 عامًا، وسأستغل عامي لترويج هذا التواصل الأكثر اتساعًا عن طريق شعاري «جعل تعلم العلوم على مدى الحياة، وباتساع الحياة، وبعمق الحياة»:

• على مدى الحياة – جعل تعلم العلوم شيئًا ينخرط فيه الناس طوال حياتهم.

• بوسع الحياة – جعل تعلم العلوم شيئًا يختبره الناس في مجموعة متنوعة من البيئات على مدار اليوم/العام (على سبيل المثال؛ في المدرسة، والمنزل، وبعد المدرسة، والمتاحف، والمخيم الصيفي).

• بعمق الحياة – تشجيع الناس على الانخراط في تعلم العلوم على المستوى المناسب لهم (على سبيل المثال، متابعة العلوم في وسائل الإعلام، والمشاركة في مشروع علمي للمواطنين، والتحول إلى هواة فلك، وامتهان المهن القائمة على العلم).

تمامًا مثلما هو الحال في الرياضة، يوجد في العلوم مشاركون نشطون، كما يوجد أيضًا مراقبون نشطون. وعندما يرعى الناس اهتمامًا عميقًا بالعلوم فإنهم يجدون مستوى راحتهم الخاص للتفاعل مع العلم، سواءً كان ذلك كمشاهد نهم لقناة ديسكوفري أو المشاركة في جهد علمي للمواطنين.

 

جعل علوم ليلة الاثنين حقيقة

ما الذي يجب فعله لجعل علوم ليلة الاثنين حقيقة؟ نحن في طريقنا مع قائمة الأمثلة أعلاه – وهي ليست شاملة؛ فهناك عديد من الأنشطة العلمية الجيدة في كثير من الأماكن. ولكن، ما زالت قناة ESPN الرياضية تحظى بعدد أكبر بكثير من المشاهدين مقارنة بقناة ديسكوفري، في حين يمضي قليل من الآباء عصر يوم السبت يلعبون «أوبلك» Oobleck (تجربة علمية كلاسيكية باستخدام نشاء الذرة والماء) في المطبخ إلى جانب التقاط الكرة في الفناء الخلفي.

نحتاج إلى منظمة وحملة شاملة تروج للحاجة إلى ممارسة العلم والتمتع به بانتظام. ربما يكون مسمى «علوم ليلة الاثنين» إقصائي؛ فماذا عن «العلم أساسي» موازاةً لعمل مؤسسة «القراءة أساسية»، وهي أكبر منظمة غير ربحية تركز على محو الأمية للأطفال في الولايات المتحدة. فإلى جانب الحملة الوطنية التي تنادي: «اقرأ بصوت عالٍ لمدة 15 دقيقة. يا كل طفل. ويا كل والد. كل يوم» نحتاج إلى حملة تنادي: «أيها الآباء والأطفال: استمتعوا بنشاط علمي معًا كل أسبوع».

لا يمكن التقليل من الدور الرئيسي الذي يؤديه الآباء في هذه الحملة الشاملة. فيُظهر المخططان الموجودان على اليسار بوضوح أنه بالنسبة إلى البالغين المهتمين بالعلوم، فإن الغالبية طورت اهتمامها بسن 11 عامًا، وكان المؤثرون الأساسيون هم الآباء أو الأوصياء. وبالنسبة إلى لأطفال فوق الـ12 عامًا يصبح للمعلمين تأثير كبير؛ ولكن نظرًا لأن غالبية الأفراد يحددون اهتمامهم بالعلوم قبل هذا العمر، فإن هذا يوضح أهمية دور الأسرة.

توضح البيانات الواردة في الرسم البياني أدناه أن الآباء والأوصياء هم مفتاح انتشار العلم مثل الرياضة، ومع ذلك لا تبذل جهود كبيرة لتشجيع اهتمام الآباء في المقام الأول بالعلوم. كذلك، تكرس فقط جهود قليلة لزيادة مستويات راحة الآباء مع العلم، ومنحهم المهارات اللازمة للمشاركة في الأنشطة العلمية مع أطفالهم. من ناحية أخرى، لدينا وفرة في البرامج التي تركز على الأطفال وتشرك الآباء بشكلٍ ثانوي فقط. فغالبًا ما يُدعى الآباء لحضور يوم احتفالي في نهاية المعسكرات العلمية الصيفية للتحقق مما فعله أطفالهم في أثناء فترة المخيم. وتُشرك معظم مساحات التنكرة tinkering spaces الأطفال في التصميم والإبداع، إلا أنها غالبًا ما تترك الآباء يراقبون من بعيد؛ وإن شارك الآباء، فيكون هذا عادةً هدف ثانوي للمكان.

يحتاج جهد علوم ليلة الاثنين (أو العلم أساسي) إلى الاستمرار في تحسين ما نفعله الآن مع زيادة العناصر التي تركز على الآباء والأوصياء. وعندما نصل إلى النقطة التي يصبح من المرجح أن يصنع الآباء «السلايم» (مادة لعابية لزجة) في المنزل مثلما يذهبون للعب التنس مع أطفالهم، حينها تصبح علوم ليلة الاثنين حقيقة وليست مجرد خيال.

 

 


دينيس شاتز (DSchatz@pacsci.org)، رئيس الجمعية القومية لتدريس العلوم «نستا»، وكبير مستشاري مركز المحيط الهادئ للعلوم في سياتل بولاية واشنطن، وزميل أول في معهد الابتكار التعليمي. وهو المحرر الميداني المؤسس لمجلة «تعلم العلوم المتصل»، وهو جهد مشترك بين الجمعية القومية لتدريس العلوم وجمعية مراكز العلوم والتكنولوجيا.